اليوم العالمي لمكافحة التدخين 31 أيار .. وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .. ولا تنفقوا في سبيل الشيطان ممنوع التدخين NO SMOKING

اليوم العالمي لمكافحة التدخين 31 أيار ..
وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ..
ولا تنفقوا في سبيل الشيطان
ممنوع التدخين NO SMOKING
د. كمال إبراهيم علاونه
فلسطين العربية المسلمة
يقول الله الحي القيوم عز وجل : { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . وورد في صحيح البخاري – (ج 17 / ص 214) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ” .
انتشار التدخين في المجتمعات
تنتشر آفة التدخين غير الصحية وغير الاجتماعية على النطاق العالمي ، حيث يلجأ بعض البشر لاستخدام وسيلة التدخين للقضاء على صحتهم وتفريغ جيوبهم من الأموال ، وقتل أوقات فراغهم بالنفخ والنفث ، وكأن هؤلاء مداخن متنقلة ، أو بالمثل الشعبي الفلسطيني ( طابون بلدي مدخن ) . وغني عن القول ، إن للتدخين ، سواء للذكور أو الإناث ، صغارا وكبارا ، العديد من المضار الاجتماعية والصحية والاقتصادية ، فهم كنافخي الكير المتنقلين في البيئة الطبيعية ، فيعمدون إلى تلويثها ، بكل ما أوتوا من سجائر ملوثة وتبغ فاسد ومفسد ، للجسم البشري والبناء الحجري والنماء الشجري . وقد أنشأت العديد من المنظمات العالمية والإقليمية والمحلية لمكافحة آفة التدخين المستشرية بين ظهراني البشرية في جميع أصقاع الكرة الأرضية ، من المشرق للمغرب ، ومن الشمال للجنوب . ومن أبرز هذه المنظمات : منظمة الصحة العالمية ، وما تفرع عنها من ( المنظمة العالمية لمكافحة التدخين ) بمقرها وفروعها في شتى البلدان المنتشرة في قارات العالم .
أنواع التبغ
يقوم بزراعة التبغ ملايين الأشخاص في العالم ، ويفترض الحد من زراعة هذه المادة الضارة بالإنسان والبيئة الطبيعية الخضراء . والعمل على تعويض المزارعين الذين يزرعون التبغ ، واستبدال هذه الزراعة بزراعات من المحاصيل والخضروات والفواكه والأشجار المثمرة ، وتجنب زراعة هذه المادة التي تسبب المآسي للأفراد والمجتمع على السواء . وهناك العديد من أنواع التبغ العربي والإفرنجي ، الذي يباع في الأسواق ، ويتم تهريبه عبر الحدود الدولية وجني الأرباح الطائلة من مادة مهلكة للإنسان جسديا وماليا ونفسيا . وفي كثير من الأحيان يتم خلط مواد أخرى غير التبغ لكثير سجائر الدخان ، مما يضاعف من الآفات والأمراض المزمنة لدى المدخنين . ويأخذ التبغ كسلعة قاتلة للخلايا والنفس البشرية ، عدة أشكال من أهمها : 1. التبغ الجاف أو التبغ الورقي . 2. ثانيا : الغليون . 3. الدخان العربي . 4. الشيشة . 5. المعسل . 6. السيجار .
أسباب التدخين
يلجأ المدخنون لإشعال سجائر الموت الرهيبة ، لعدة أسباب أولية وثانوية ، فتصبح عادة أو ظاهرة مقيتة ، ومن أهم أسباب ودواعي التدخين الآتي : 1. محاكاة الآخرين وتقليدهم : مثل تقليد الآباء والأمهات ، أو الإخوة والأخوات ، والأقارب والضيوف وما إلى ذلك . 2. الهروب العام : الإدعاء بأن المدخن يفرغ كبته وغضبه وغيظه من تصرفات معينة . وهذا الزعم غير الصحيح ، يولد للإنسان التعب والمشقة ، فلا يمكن أن يكون الدخان للتنفيس عن الفرد ، بل يزيد الدخان من توتر المدخن ، ويزيد من حاجته للأوكسجين اللازم للحياة البشرية . 3. مصاحبة الأشقياء : من أتراب الشخص أو ممن يكبرونه سنا ، فيقدم المدخن ضيافته غير السوية لشخص يرافقه في مناسبة معينة ، فتنتقل عدوى التدخين لهذا الشخص الذي لم يكن يدرك الضرر البالغ الذي سيلحق به لاحقا ويدمر مستقبله . 4. المباهاة الزائفة : تتمثل في التفاخر لدى الأطفال والمراهقين والناس غير الأسوياء ، بامتلاك أصناف فاخرة من الدخان وشربها على الملأ ، وهذه النقطة تعبر عن الكبر والتكبر والمفاخرة الزائفة الزائلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع . وكلمة لا بد منها ، وهي أن الكثير من الحيوانات أكلة العشب الأخضر واليابس ، لا تأكل ولا تستسيغ مضغ التبغ ، وهي حيوانات عجماء ، فما أحرى ببني الإنسان ، أن يأخذ العبرة والعظمة من هذه الحيوانات التي لا تتعاطى التبغ أو مادة التدخين .
مضار ومساوئ التدخين
كما هو معلوم ، للتدخين مضار لا تخفى على أحد ، وفي مقدمتهم ، أهل السيجارة الطيارة ، فالتدخين هو نوع من الانتحار البطيء الذي يجلب الحزن والأسى للمدخن وذويه ، والمدخن هو منتحر مع وقف التنفيذ على مراحل وفترات متلاحقة . ومن أهم هذه المضار الآتي : أولا : الضرر البدني للشخص المدخن . فجميع أجزاء وأجهزة جسم الإنسان من الأجهزة الهضمية والتنفسية والتناسلية وسواها للمدخن تتأثر بصور متدرجة ومتدحرجة فيصاب المدخن بشتى الأمراض المؤقتة والمزمنة على السواء ، من ضيق التنفس والسرطان ، والسعال ، والرائحة الكريهة ، والضعف الجنسي ، وقلة الشهية للطعام ، وضيق الشرايين ، والقلق والأرق وإحساس بالتعب والإرهاق من ممارسة أي جهد عضلي بسيط أو مشي سريع إلى حد ما وغيرها . وتتضاعف هذه الأضرار في حالة كون المدخن أسيرا لدى الاحتلال الصهيوني أو الأمريكي أو غيره من أشكال وصور الاحتلال الترغيبي الأجنبي ، حيث يتم تقديم نوعيات سيئة من الدخان للمساهمة في قتل الإنسان المجاهد أو المناضل ضد الاحتلال . ثانيا : الضرر الأسري والجيران والزملاء والمرافقين . من أفراد الأسرة والأقارب والجيران . فالمرافقون للمدخنين يتلقون المضار المباشرة السلبية أكثر من المدخنين أنفسهم . ثالثا : الضرر العام للبيئة : من المجتمع الإنساني ، ومملكة الحيوان ومملكة النبات . وهذا الضرر ينتج عن الدخان المتصاعد من فم ورئة المدخن ، المتجهة بنحو الأعلى أو على المستويات الهوائية الملاصقة . فيختلط الدخان المنبعث من السجائر مع الأغبرة والغازات المنتشرة في المعمورة فتسبب الأمراض لبني البشر وغيرهم من الكائنات الحية .
نماذج من المدخنين
كثيرة ومتعددة هي النماذج الصارخة في عالم التدخين والمدخنين ، ومن هذه النماذج الحية : 1. طلبة مدارس أو جامعات : يلجأون للتدخين على حساب والديهم ، فينفقون مصروفهم الشخصي على مضرات لهم ، بدلا من أن يشتروا مأكولات ومشروبات تساهم في تقوية وبناء أجسامهم ، فيكونون عالة على أسرهم ، فيفكرون أن التدخين هو من سمات الرجولة أو الانوثة الحقة ، وهي ليست كذلك ، بل هي تصحب بصاحبها لجحيم الشهوات والغي ، والمباهاة والتقليد الأعمى الذي لا طائل ولا جدوى منه . وكنا نشاهد عشرات الطلبة في المدارس ممن يدخنون في الحمامات والمراحيض خوفا من ملاحقة المدير والمناوبين في فترات الاستراحة المدرسية ، وهذا نوع من القذارة والسخافة لدى هؤلاء الطلبة . 2. عمال أو موظفين : إذ تلجأ هذه الفئات أكثر من غيرها للتدخين لما تسميه التنفيس عن الروح والنفس ، وفي الحقيقة هي تلجأ لتكبيل وتصفيد نفسها بنفسها ، فتنفق من مالها رئاء الناس ، وتبخل على أبناء أسرتها ، وإذا سأل المدخن أحد أبنائه للمصروف الشخصي فيجيبه أن ليس لديه المال لمنحه ذلك المصروف اليسير . فهنا تبرز ظاهرة البخل والتبذير في الآن ذاته ، البخل على الأسرة والتبذير على شراء التبغ للتدخين والنفخ والنفث . وفي حالة ضيق ذات اليد من المال فإن الأولوية تكون لجلب وشراء الدخان بالعلب الكبيرة ، بالتخزين ليوم الفقر وعدم توفر المال ، وعلى النقيض من ذلك فإن ظاهرة البخل تنتشر بصورة فظيعة ومفزعة بين المدخنين وخاصة بعد منتصف الشهر عندما ينتهي الراتب الشهري أو المعاش . 3. الأسرى في سجون الاحتلال : تلجأ إدارات ومصالح السجون في الكثير من الاحتلالات لتوزيع السجائر من النوع الردئ جدا على السجناء السياسيين ، مما يشكل مضاعفة لعذابهم وهزالة أجسامهم ، وهناك الكثير ممن مورس عليه الضغط النفسي والحرمان من سجائر الدخان لإجباره على الاعتراف بقضايا وجنح وجرائم لم يرتكبها . وهذا هو الخسران المبين . وفي بعض الأحيان يلجا المحققون لتوزيع دخان مغشوش مخلوط بالمخدرات لتخدير جسم الأسير وجعله يتصرف بهلوسة رهيبة كنوع من التعذيب النفسي والجسدي ، لقهره وانتزاع الاعترافات منه وهو في عالم الغيبوبة . 4. تدخين السيجارة الإلكترونية : وقد تبين أن للسيجارة الإلكترونية الضرر البالغ أيضا ، فينبغي تركها لتحاشي هبوط الأمراض المتعددة على جسم الإنسان من حيث يحتسب ولا يحتسب على مر الأيام .
التدخين يعطل المصالح البشرية
التقيت ذات مرة ، مع أحد أقربائي المدخنين ، وأخذنا الحديث باتجاه الدخان والمدخنين ، فقال لي إنه يدخن السجائر منذ 15 سنة ، بمعدل يومي ، علبتي سجائر أو ما يعادل 40 سيجارة يوميا ، وثمن علبة السجائر الواحدة دولارين ونصف ، وهي من النوع المتوسط النكهة والمذاق ، وبهذا فهو ينفق شهريا ما معدلة 60 علبة سجائر ، أو ما يعادل ماليا ، 150 دولارا أمريكيا ، وأنا شخصيا لا أدخن بتاتا . وبمتوالية حسابية وهندسية مع بعضها البعض تبين لنا ، أن هذا المدخن ينفق حوالي 1800 دولار سنويا ، ويكون حاصل التجميع المالي الكلي طيلة الخمسة عشرة عاما ( 1800 $ × 15 سنة = 27 ألف دولار ) وهذا المبلغ المالي كفيل بشراء سيارة أحدث طراز من النوع الممتاز ، أو بناء بيت أو شراء شقة متواضعة مناسبة للأسرة بدل أن يعيش الإنسان في غرفة أو غرفتين ، أو يدفع أجرة سنوية بدل المأوى في شقة معينة للآخرين يقف فيها المؤجر على باب المستأجر شهريا أو نهاية كل عام . فمن الأصوب إذن من يدخن أو من لا يدخن ؟ بالطبع الأمر ليس بحاجة لمقارنة هنا في هذا المجال . ونصيحة خالصة لله تعالى لا تكن من المدخنين ، بأي حالة من الحالات أو أي صورة من الصور .
التبغ والمكاسب المادية الطائلة
على كل حال ، إن تبغ الدخان والتدخين وسيلة من وسائل الاستغلال الاقتصادي والظلم الاجتماعي والاستعباد السياسي ، فهو يجلب ويدر الأموال الطائلة على المخدوعين بهذا النوع من أنواع المضرات الجسدية والمادية والمعنوية ، فهناك عشرات الملايين ممن يستفيدون من زراعة التبغ وتصنيعه وتسويقه وترويجه وتوزيعه ، والهدف هو المدخن الغلبان المخدوع بزيف إشباع الرغبات والشهوات بالوقت الحرام والمأكل الحرام والمشرب الحرام ، والإنفاق المسرف . وتجني هذه الفئات الآنفة الذكر ، عشرات المليارات من الأموال سنويا في سبيل إرواء ظمأها ونهمها للمال ، وليس مهما لديها إن كانت تسبب الأذى والمضرة لنفسها أو غيرها ، فهذا نوع من أنواع الانتحار الفردي والجماعي البطيء .
أبرز طرق مكافحة التدخين
هناك العديد من الطرق والأساليب التي تلجأ لها منظمات ومؤسسات مقاومة انتشار التدخين ، للحد منه أو وقفه قدر الإمكان ، ومن أهم هذه الطرق الآتي : 1
. الإرداة القوية والإيمان بأن التدخين ظاهرة مؤذية للنفس البشرية ، والتصميم على ترك هذه العادة القبيحة ، وكذلك الإيمان بأن الدخان والتدخين حرام من وجهة النظر الإسلامية .
2. منع زراعة التبغ في العالم ، وإصدار قوانين ملزمة بذلك ، واعتبار التبغ مادة من المواد الضارة للصحة الإنسانية الخاصة والعامة .
3. التحريم الديني : ينبغي العمل على استخدام الدين وخاصة الإسلام في رفض ظاهرة التدخين ومحاربتها . وفق المبدأ الإلهي القويم ، إذ يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
4. فرض الضرائب الباهظة على التبغ . في الاستيراد والتصدير والتصنيع والترويج والتوزيع والتجارة للعمل على زيادة أثمان علب السجائر ، وبالتالي الحد من انتشار ظاهرة التدخين المؤذية للبشرية جمعاء .
5. تشجيع المدخنين على الترك الترغيبي : وذلك بتشجيع المدخنين على ترك عادة التدخين السيئة والضارة لأنفسهم وغيرهم ، وإيجاد بدائل عملية لهم كالبزورات والمأكولات الخفيفة ، والعلكة والحلويات والسكاكر الخفيفة . وكذلك تخصيص جوائز مالية وعينية كثيرة مجزية لتحفيز الإقلاع عن التدخين .
6. الإلزام القانوني الترهيبي : عبر سن تشريعات قانونية ملزمة بعدم التدخين ، في المؤسسات والأماكن العامة والحافلات والقطارات وسواها . وفرض غرامات مالية عالية على كل من يخالف هذه التعليمات القانونية .
7. معالجة الإدمان بطرق متعددة ، وتحفيز المدخنين على إتباع عادات جديدة للتخلص من تبعات التدخين المريرة .
8. شن حملة إعلامية واسعة ، وقائية وعلاجية في الآن ذاته ، في جميع أيام السنة ، وليس فقط في يوم مكافحة التدخين العالمي الذي يصادف 31 أيار – مايو السنوي . وتكون هذه الحملة بمحاولة إقناع المدخنين على ترك عادة التدخين القبيحة والتحول من شخص سلبي على شخص إيجابي يسعى لترك الدخان . وتستعمل بعض منظمات مكافحة التدخين المدنية والقانونية والصحية ممن سبق ولجأوا للتدخين ثم تركوه لمساوئه المتعددة . ويكون ذلك بإظهار الأمراض التي تسبب التدخين لهم ، من آفات مزمنة صحيا ، ومن فقر مالي مدقع ، ومن تفضيل شراء سجائر التدخين على شراء مستلزمات واحتياجات الأسرة البشرية
9. تخصيص دوائر ومؤسسات حكومية لمكافحة آفة التدخين .
10. تنظيم أيام صحية في المدارس والجامعات والمؤسسات والشركات والتجمعات العامة لشرح مضار التدخين .
11. فرض رقابة أسرية مشددة على الأطفال . فالأسرة والعائلة هي الأساس الأولي في مقارعة انتشار عادة التدخين القبيحة .
12. طباعة ورسم بوسترات وصور شعبية ورسمية وشعارات لمقاومة التدخين . ففي كل عام يتم تجهيز شعار لمكافحة هذه الآفة المستشرية في المجتمعات . فمثلا كان شعار عام 2008 ( شباب بلا تبغ ) حيث جرى التركيز على الفئات الشبابية لأنها هي التي تبدأ بالتدخين ، فالمقاومة الصحية والصحيحة للتدخين تبدأ من الفئات الشبابية ، في المدارس الأساسية ، والجامعات .
13. منع الأطباء والممرضين والعاملين في الشؤون الصحية من التدخين ، لتحاشي تقليدهم ، فيجادل المريض فيقول بأن الطبيب الذي يرشدني لمنع التدخين والإقلاع عنه يمارس هذه الظاهرة أمامي وأمام الجميع .
14. تخصيص ميزانيات مناسبة سنويا للقضاء على وباء التدخين العالمي ، وذلك لدى الوزارات الحكومية والمؤسسات الطوعية والأهلية .
15. منع تقديم الضيافة من الدخان أيام الأفراح والأتراح ( الأعراس والحزن ) . ففي كثير من الحفلات الشعبية أو بيوت العزاء لدى بعض المجتمعات ، يتم تقديم سجائر الدخان كضيافة للمدعوين وهي عادة سيئة ، تساهم في تعويد الأطفال والفتيان على تذوق طعم السجائر الخادعة .
16. منع شركات الدخان من الترويج للتبغ عبر وسائل الإعلام ، ومنع الرعاية الاقتصادية والاجتماعية لفعاليات الجماهيرية والشبابية كي لا تخترق نفسيات الشباب وتغريهم المسليات التافهة كالتدخين فيكونوا من المدجنين في مثل هذه الرعاية الباطلة للنشاطات الجماعية الرياضية أو الفنية وسواها .
الإسلام والتدخين
يقوم الإسلام على تحريم كل ما من شأنه أن يلحق الأذى والضرر ببني البشر ، سواء أكان هذا الضرر اقتصاديا أو جسديا أو نفسيا ، وموقف الإسلام الحنيف واضح وصريح ، في هذه المسائل ، وينطبق على التدخين المبادئ الإسلامية الفاضلة الآتية :
أولا : الابتعاد عن المهالك المهلكة : فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة : فالتدخين بالتبغ وبشتى الأنواع والأصناف يلحق الضرر ويؤدي إلى التهلكة الصحية كما هو مثبت علميا وواقعيا ، ولهذا فإن الإسلام دعا الإنسان إلى اجتناب المهالك التي تهلك الحرث والنسل . يقول الله العزيز العليم تبارك وتعالى : { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . والإنفاق على التدخين هو ابتعاد عن الإنفاق في سبيل الله ودخول فعلي في الإنفاق في سبيل الشيطان والطاغوت ، وبهذا فإنه حرام قطعيا بلا جدال أو مجادلة لا جدوى منها .
ثانيا : الاعتدال في الإنفاق الحلال والابتعاد عن الحرام : فالتدخين مجال من مجالات التبذير المضر بالإنسان . يقول الله جل وعلا : { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) }( القرآن الحكيم ، الإسراء ) . فإذا كان الله سبحانه وتعالى ينهى عن التبذير في الأكل الحلال والشرب الحلال واللبس الحلال ، فإنه من باب أولى ينهى نهيا كليا وقطعيا عن التبذير للإنفاق على التدخين لأن شراء التبغ هو نوع من بسط اليد بصورة شمولية لا داعي لها يمكن الاستغناء عنها . فالتدخين من الناحية المالية كله تبذير في تبذير في تبذير من أجل نزوات الشيطان الرجيم .
ثالثا : الاقتراب من الريح الطيبة والابتعاد عن نفخ الكير : فالتدخين يسبب خروج الريح الخبيثة ، من فم المدخن ، وهذا يؤذي المجاورين للمدخنين في العمل والدراسة والحديث والمسجد وفي الشارع العام والمؤسسات العامة والخاصة ، فينبغي على الشخص أن لا يبادر لإيذاء الآخرين ، فإن رضي لنفسه الأذية فلا داعي لإيذاء ممن حوله . جاء في صحيح البخاري – (ج 17 / ص 214) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ” . وورد في سنن أبي داود – (ج 12 / ص 457) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مَرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا وَمَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِنْ لَمْ يُصِبْكَ مِنْهُ شَيْءٌ أَصَابَكَ مِنْ رِيحِهِ وَمَثَلُ جَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْكِيرِ إِنْ لَمْ يُصِبْكَ مِنْ سَوَادِهِ أَصَابَكَ مِنْ دُخَانِهِ ” .
رابعا : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : فالتدخين نوع من أنواع المنكر الواجب النهي عنها واجتناب تعاطي الدخان بأي حال من الأحوال للضرر المادي والمعنوي الذي يلحق بالإنسان والجماعة والمجتمع المسلم . يقول الله الجليل الكبير سبحانه وتعالى : { لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}( القرآن العظيم ، آل عمران ) .
التخلص من آفة الإدمان على التدخين
يتنوع الناس ما بين أصحاب الإرادة القوية والمتوسطة والضعيفة ، فأصحاب الإرادة القوية الثابتة ، هم من يستطع ترك التدخين عند التخطيط والتصميم وتوفر الإرادة دفعة واحدة دون مراحل . وأصحاب الإرادة المتوسطة يمكنهم ترك التدخين عبر مراحل متعددة ، المرحلة الأولى : التدخين علبة واحدة بدل علبتين . والمرحلة الثانية تدخين عدد من السجائر بدل علبة دخان ( التي تحتوي على 20 سيجارة ) . والمرحلة الثالثة هي الإقلاع عن التدخين كليا خلال فترة لا تتجاوز شهر . وفي المقابل يحتاج أصحاب الإرادة الضعيفة المترددة ، المهزوزة لفترة طويلة من التباطؤ في التدخين بتقليل الكميات على مدار عدة أسابيع أو حتى شهور ، تمهيدا لتركه والتخلص من الإدمان القاتل . فكن أيها المدخن من أصحاب الإرادة القوية الفولاذية واترك التدخين ولا تعد إليه بتاتا حفاظا على صحتك ومالك وأسرتك وبيئتك نظيفة خالية من التلوث . فيا أيها المدخنون حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وارحموا أسركم وعائلاتكم ، ومخالطيكم ، وأمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر ، والتدخين جزء من مظاهر المنكر البغيض فحاربوه دينيا واجتماعيا وصحيا ونفسيا على نطاق الأفراد والجماعات والأحزاب والمجتمع . والله نسأل العفو والعافية والمعافاة في الدنيا والآخرة ، إنه قريب مجيب الدعاء . والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أضف تعليق